صور جوية للجبال البركانية البيضاء في حرة خيبر القريبة من المدينة المنورة |
2000 بركان في السعودية واغربها البراكين البيضاء
في عمق الصحراء السعودية، تنتشر خفايا طبيعية مثيرة تحمل تاريخًا عريقًا من الثورانات البركانية والتكوينات الصخرية النارية. ربما أغلبنا لم يسمع عنها من قبل, ومن بين هذه التحف الطبيعية، تبرز "البراكين البيضاء" كمشهدٍ فريدٍ في منطقة حرة خيبر بالمملكة العربية السعودية.
تعج السعودية بأكثر من ألفي بركان خامد، ولكن البراكين البيضاء تلفت الأنظار بسبب جمالها الطبيعي وتاريخها الفريد. فهيا نتعرف على هذه الظواهر الرائعة لنكتشف كيف تشكلت، وما هي العوامل التي أدت إلى نشوئها، وهل من الممكن أن تستعيد نشاطها مستقبلاً. دعنا نقوم برحلة استكشافية عبر الزمن والطبيعة لاستكشاف أسرار البراكين البيضاء في حرة خيبر.
تحتل منطقة المدينة المنورة أكبر عدد من هذه البراكين, سجل آخر ثوران بركانياً في منطقة الحجاز, الواقعة شرق المدينة المنورة في عام1256, واستغرقت التدفقات البركانية عدة أيام, أدى هذا الى تمدد الحمم البركانية لمسافة 23 كيلومتر, واعتبر أطول تدفق للحمم, وما كانت تبعد تلك الحمم عن قبر رسول الله يومها سوى مسافة 8.2 كيلومتر.
دراسة تفصيلية عن البراكين البيضاء
يكمن هذا الحقل البركاني بالقرب من المدينة المنورة, وتقدر أعدادها بـ400 بركان خاملة وليس ميتة, يقدر العلماء لو ثارت هذه البراكين الكبيرة في حرة خيبر والتي تسمى بالبراكين البيضاء, سيبلغ ارتفاع مقذوفاتها البركانية إلى السماء حوالي 35 كيلومتر أي ستكون تلك المقذوفات البركانية أعلى من برج دبي بما يعادل 60مرة.
يعتبر حقل البراكين في حرة خيبر كما يقول الخبراء من أندر الأمثلة على البراكين البيضاء في العالم, وذلك بسبب ما يميز ألوان صخورها النارية الخفيفة ذات اللون الأزرق الفاتح إلى اللون الرمادي الغنية بمادة السيليكا, تسمى صخور (كومندايت comendite).
أكتشف هذا النوع والمميز والفريد من تلك
الحمم، والتي بات يعرف عند الكثير بإسم "البراكين البيضاء"، لأول مرة في
مناطق متعددة حول العالم، مما يجعلها ظاهرة جيولوجية استثنائية تستحق الاهتمام
والاستكشاف العميق. بالإضافة إلى ولاية كوينزلاند الاسترالية، حيث تم اكتشافها
للمرة الأولى.
يمكن العثور على هذا النوع من البراكين في جزيرة كورسيكا الفرنسية وجزيرة سردينيا الإيطالية، وجزيرة أسينسيون في جنوب المحيط الأطلسي، بالإضافة إلى مناطق في إثيوبيا والصومال وشرق إفريقيا الأخرى.
تعتبر البراكين البيضاء واحدة من أكبر الحقول البركانية في شبه الجزيرة العربية بأكملها. حيث تمتد هذه الحقول البركانية على مساحة تقدر بحوالي 14 ألف كيلو متر مربع. شكلت هذه المجموعة الرائعة من البراكين البيضاء نتيجة لانفجارات عنيفة امتدت عبر مسافات هائلة تصل إلى مئة كيلومتر من الشمال إلى الجنوب.
كيف تشكلت البراكين البيضاء على مر العصور؟
استغرق تشكيل هذه الحقول البركانية مدة
زمنية تقدر بما يقرب من 5 ملايين سنة، مما يعكس تاريخًا جيولوجيًا طويل الأمد
وعمليات ثوران متعددة تجاوبت معها قوى الطبيعة. آخر ثوران لهذه البراكين البيضاء
تم تسجيله في الفترة ما بين العامين 600 و 700 ميلادياً، مما يظهر مدى نشاط هذه
الظاهرة على مر العصور.
تم تجميع هذه المعلومات تحت ضوء البحث الجيولوجي الحديث حول البراكين البيضاء، وتسلط الضوء على أهميتها في فهم تاريخ الأرض وعمليات تشكيلها، وتعزز الاهتمام بالدراسات البيئية والعلوم الجيولوجية في هذه المناطق الفريدة.
البراكين البيضاء في حرة خيبر |
تحتوي البراكين البيضاء في حرة خيبر على أشكال متنوعة من الصخور البركانية وتضاريس خلابة, كما نراه في الصورة بالأسفل والتي التقطت من طاقم السفينة ( إكسبيديشن 16 ). والذي كان على متن محطة الفضاء الدولية بشهر مارس عام 2008.
صورة جوية للمخاريط المتشكلة في براكين حرة خيبر |
الهياكل المتشابهة في الصورة التي نراها ليست سوى مخاريط من صخور مسامية, تشكلت بفعل اندلاع انفجار الحمم البركانية في المنطقة مع صدفة وجود الماء, حيث عمل هذا المزيج على تشكل الرواسب الرطبة واللزجة, والتي كان بإمكانها تشكل هذه البنية المخروطية شديدة الانحدار, خاصة إن تجمعت تلك الرواسب بشكل سريع.
تشير تلك المخاريط التي تتكون من الصخور المسامية, بأن المناخ المحلى في المنطقة كان أكثر رطوبة, بالمقارنة مع اليوم خلال فترة نشاطه البركاني, لكن اليوم المنطقة جافة في ظل احتمالات ضئيلة لهطول المطر على طول العام, والذي تسبب هذا إلى أن تكون المنطقة اليوم صحراوية تماما, ولا يوجد بها غطاء نباتي.
في هذه المقالة، أتمنى أن تكون تعرفت على واحدة من أجمل وأغرب الظواهر الطبيعية في المملكة العربية السعودية، وهي البراكين البيضاء التي تزين منطقة حرة خيبر بأشكالها وألوانها المتنوعة. علمنا أن هذه البراكين خامدة وليست ميتة، وأنها تشكلت منذ ملايين السنين بفعل حركات الصفائح التكتونية والمغناطيسية. كما علمنا أن المدينة المنورة التي نحبها ونحترمها، هي مبنية على صخور نارية ناتجة عن بركان قديم.
نأمل أن تكون قد استفدت من هذه المقالة، وأن تزور هذه المنطقة الساحرة في يوم من الأيام، لتشاهد بعينك جمال البراكين البيضاء في حرة خيبر.
بعض المصادر:amusingplanet
المحرر / أهلا وسهلا بكم