نقش الناصر Nazareth inscription |
هل قام المسيح عيسى بن مريم بعد موته, وهل تلاميذه رأوه حقاً يقوم من بين الأموات, إن كافة الأدلة الأثرية المتعلقة بهذا الحدث عن قيامة يسوع, جاءت قليلة بالمقارنة مع الأدلة المتوفرة عن حادثة صلبه
فكما نعرف أن يسوع (المسيح عيسى بن مريم) شخصية تاريخية, جاء في النصف الأول من القرن الميلادي, في منطقة الجليل الفلسطينية, وهناك بدأ كرازته أي (الوعظ والتبشير), وبعدها قامت السلطات الرومانية بصلبه, وبعد الصلب كما تدعي الرواية ادعي تلاميذه أنهم راؤه حقاً يخرج من بين الأموات.
وكما قلنا بأن الأدلة الأثرية على قيامته بعد موته قليلة, يظل هناك دليلين مازال يحير الخبراء بشأن قيامته, وهما كفن المسيح بتورينوالإيطالية, ونقش الناصرة الموجود حالياً بمتحف اللوفر في باريس, والذي نحن بصدد الحديث عنه في هذا المقال.
لوح نقش الناصرة
نقش الناصرة هو لوح رخامي تم اكتشافه في عام 1878 ويحمل نقشاً باللغة اليونانية (Koine Greek), يبلغ طوله 60سم وعرضه 37.5 سم, أكتشف هذا اللوح في مدينة الناصرة في فلسطين,منقوش عليه أربع عشر سطراً, وهو نص يعد بالموت لأي شخص يقوم بسرقة جثةٍ أو يزعج قبراً, ظل هذا النقش محيراً إلى يومنا هذا, ومسبباً للكثير من الجدل والنقاش في الأوساط العلمية, حتى نشر عنه ما يقارب الثمانين دراسة, ومازال نقش الناصرة المتعلق بقيامة يسوع (المسيح عيسى بن مريم) وقبره الفارغ, يطرح أسئلة إلى يومنا هذا ومن ضمنها كيف حصل اللوح نقش الناصرة على اسمه؟.
وفقاً لمقالة حديثة في مجلة سميثسونيان, تقول بأن نقش الناصرة المتعلق بقيامة يسوع (المسيح عيسى بن مريم) افتراض غير صحيح.
وتشير دراسة نشرت مؤخراً في مجلة علم الآثار, أن لوح نقش الناصرة له سياق مختلف تماما عما روي عنه, وذلك لسبب واحد كما تقول, أن النقش الموجود على اللوح لم يذكر شخص أو مكان معين, كما أن نمط الحروف اليونانية المنقوشة على اللوح تشير إلى العمر المناسب وهو 2000عام, لكن اللهجة المستخدمة في اللغة لم تُرى بالعادة خارج اليونان وتركيا, لهذا كان بتأكيد من غير المتوقع استخدامها في منطقة الشرق الأوسط.
مصدر الصورة medaillesetantiques
قام مؤخراً عالم يدعى "كايل هاربر" والمتخصص في التاريخ الروماني من جامعة أوكلاهوما في نورمان, بتشكيل فريق خاص لعمل دراسة على هذا اللوح الرخامي (نقش الناصرة),وذلك لمعرفة المزيد من الحقائق المتعلقة بالمصدر المحتمل, حيث قام فريقه بأخذ عينة صغيرة من ظهر هذا اللوح لإجراء التحاليل الكيميائية عليه.
وكانت النتائج الذي توصل إليها الفريق على الرغم بأن هذا الحجر الرخامي من النوع الغير مستخدم في منطقة الشرق الأوسط, لكنهم وجدوا أنواعا مشابهة لهذا الحجر الرخامي في جزيرة كوس اليونانية, أما بخصوص أسلوب الحروف على الحجر الرخامي والمستخدمة في النقش تستبعد نظرية أن يكون اللوح الرخامي من منطقة الناصرة في الجليل.
وبالنظر إلى موضوع صنعه, يرجح أن يكون في الواقع جاء رداً على وفاة الطاغية اليوناني في منطقة كوس اليونانية واسمه نيكياس, والذي كان حاكما للجزيرة في الثلاثينيات ما قبل الميلاد, وتمت الإطاحة به, ولان هذا الطاغية كان غير محبوباً وليس له شعبية كبيرة, قام بعض سكان الجزيرة"نيكياس" بإخراج جسده من القبر وتشتيت عظامه , ما تسبب هذا بفضيحة.
ربما تلك الفضيحة ما جعلت اوغسطس كأول إمبراطور روماني, يأمر بإنشاء لوح رخامي منقوش عليه نص يعد بالموت لأي شخص يقوم بسرقة جثةٍ أو يزعج قبراً, إلى جانب ألواح أخرى في العديد من الأماكن, كوسيلة منه لصياغة وتأسيس نظام في المنطقة.
وربما كذلك وجد أغسطس, مرسومه هذا مناسبة سياسية, تحمل غايات أخرى غير تلك الفضيحة المتعلقة بقبر نيكياس, رغم أن تدنيس القبر كان فعلا شائناً, إلا أنها لم تكن حادثة فريدة من نوعها, فقد كانت هناك أمثلة كثيرة على تدنيس القبور بالإضافة لأحكام الفاسدين في ذلك العصر.
يذكر أيضا أن أغسطس لم يحمل محباً كبيرة لطاغية نيكياس, والذي قام بدعم مارك أنتوني ضد أغسطس وذلك قبل صعوده إلى أن يكون فيما بعد الإمبراطور, وكما أن جزيرة كوس والتي تقع على ساحل أسيا الصغرى قديماً, والتي كانت مشهورة في نبش قبور القادة الغير محبوبين من قبل الشعب بناءا لما يقول المؤرخين, لهذا السبب يشك بعض المؤرخين بأن يكون نقش الناصرة متعلقاً بما جاء بنهاية يسوع ودفنه.
ويبقى التاريخ الدقيق الذي تم فيه إنشاء اللوح الرخامي (نقش الناصرة), لا يزال غير معروفاً من قبل العلماء, ولم يتمكنوا حتى اللحظة رغم الدراسات التي قاموا بها من تأكيد أو رفض مصدر اللوح الرخامي, لكن عملهم مازال يشكل بداياً,للمزيد من العمل, قد يتضمن للغة المستخدمة بالنقش وبتالي مقارنتها بالغات المنقوشة في جزيرة كوس ومنطقة الناصرة, فمن الممكن أن يكون الحجر الرخامي جاء من جزيرة كوس عبر التناقل التجاري إلى أن وصل الناصرة.
وهناك تفسيرات أخرى محتملة في هذا المضمون, بأن الحجر الرخامي تم شراءه من قبل جامع اثأر فرنسي يدعى "فيلهلم فروهنر" في سنة 1878, تكمن فرضية بأن يكون مزور ماهر قام هو بالنقش على الحجر الرخامي, وباعه لجامع الآثار"فيلهملم", حتى أنه لهذه اللحظة لا يوجد من الأدلة ما يظهر مصدره أو كيف حصل عليه, وبالرغم من كل ذلك مازال العمل جارٍ من قبل العلماء للوصول إلى حل اللغز المتعلق بـ نقش الناصرة.
في نهاية هذا الاستكشاف المذهل للوح
نقش الناصرة وقصة قيامة المسيح عليه السلام بعد موته، نجد أن الأدلة الجديدة
والاكتشافات المثيرة تشكلت كقطعة أساسية في فهمنا لتلك الفترة الزمنية الهامة في
التاريخ المسيحي. نظرًا للأهمية الكبيرة التي يحملها هذا النقش القديم والتفاصيل
الجديدة التي تم العثور عليها، يصبح من الضروري أن نستكشف ونعيد تقييم كيف نفهم
قصة قيامة المسيح عليه السلام.
تظهر هذه الاكتشافات الجديدة التي تمت
مؤخراً أن هناك الكثير ما زال يمكن استنتاجه والبحث عنه فيما يتعلق بقصة قيامة
المسيح عليه السلام وما حدث بعد وفاته (صعوده إلى السماء). إن وجود أدلة مثل لوح
نقش الناصرة يذكرنا دائمًا بأهمية البحث والاستكشافات المستمرة لفهم تلك اللحظات
الحاسمة في التاريخ الديني.
بينما نجتهد لفهم هذه الحقائق
الجديدة، يجب علينا أن نظل متأهبين للتحقق من المزيد من الأدلة والاستمرار في
البحث والدراسة. إن فهم قيامة المسيح عليه السلام والأحداث المتعلقة بها هو أمر
ضروري للكثيرين، وإن لوح نقش الناصرة يضيف بالتأكيد تفاصيل جديدة وملهمة لهذه
الحكاية الهامة في التاريخ المسيحي.
المصادر: thevintagenews
المصادر: difa3iat
المحرر / أهلا وسهلا بكم