تخيل مرورك يوماً على حقل أو مزرعة ينتشر عليها عدد كبير من الأبقار كلها بنفس اللون, من الطبيعي أن لا يثير اهتمامك أي شيء كونها متشابهة بنفس اللون وهو الأبيض والأسود. منظر مألوف لنظرك ولا شيء جديد في المشهد, وفجأة يظهر أمامك حدث غريب غير معتاد على رؤيته وهو وجود بقرة بنفسجية بين قطيع الأبقار, هنا تقف مذهولا تراقب المشهد بكل حواسك.
ما ذكرته هو مثال تخيلي لدرس يجب أن تتبعه أنت شخصياً إن كنت مهتماً أن تكون مميزاً عن غيرك أو كنت تنشط في مجال التسويق, وكذلك الشركات فيما يخص منتجاتها أو حتى إعلاناتها, فلو أتبعت مثلا كافة الشركات نفس النهج أو الطريقة في تقديم المنتجات والخدمات وحتى تقديم الإعلانات لن تستطيع جذب انتباه أي احد, ما نتحدث عنه هو التميز والاختلاف عن الآخرين تطبيقاً لـ نظرية البقرة البنفسجية بين قطيع الأبقار المتشابهة.
استراتيجية البقرة البنفسجية
تتلخص استراتيجية البقرة البنفسجية أن معظم الشركات أو الأفراد تتردد في السعي وراء الأفكار المميزة والاستثنائية, لأنهم يخافون من تجربة أي شيء جديد. يجب التغلب على هذه القلق لأن المنتجات أو الخدمات الغير مثيرة للاهتمام في ظل المنافسة الشديدة لن يكون لها مكان في السوق الحالية, يجب على المرء أن يبرز وأن يكون استثنائيا وسط الزحام وإلا سيكون غير مرئي تماماً, وأن يتعلم فن التسويق الذكي عبر استخدامه استراتيجية البقرة البنفسجية, إن المجازفة اليوم أكثر أماناً من تجنب عدم المخاطرة.
لم تعد استراتيجيات التسويق التقليدية والمعروفة قابلة للتطبيق اليوم، وإذا كنت تريد أن تزدهر فيجب عليك أن تكون مثل البقرة البنفسجية لكي تجذب انتباه الناس إليك.
ماذا تعني البقرة البنفسجية
ماذا تعني البقرة البنفسجية من كتاب البقرة البنفسجية للمسوق ورائد الأعمال "سيث جودين" |
البقرة البنفسجية هي فكرة تسويقية تتحدث عن فن التسويق الذكي صاغها المسوق ورائد الأعمال "سيث جودين" والتي تؤكد على أن الشركات أو الأفراد الذين يسعون إلى البروز من وسط الزحام, يجب أن يبتكرون شيئًا جديرًا بالملاحظة تجذب الانتباه إلى منتجاتهم أو خدماتهم وإعلاناتهم . كما يؤكد جودين أنه من غير المرجح بيع منتج أو خدمة غير مميزة ومذهلة بطبيعتها مثل بقرة بنفسجية.
كانت مساهمة جودين في العناصر الخمسة الكلاسيكية المتعارف عليها في مجال التسويق هي المنتج، والسعر، والمكان، والترويج، والأشخاص – وكان أن أضاف إليهم جودين "البقرة البنفسجية"
يضيف حسب اعتقاده إن الإبداع في مجال الإعلان لإظهاره بشكل مميز في وسائل الإعلام يعتبر هذه الأيام غير محقق هدفه, بسبب أن الأشخاص اليوم بدئوا ينفرون من الإعلانات وتعمل على تخطيها أن ظهرت أمامهم في التلفاز, وأصبحوا الناس أكثر حرية وتحكما فيما يشاهدونه, وانه أصبح اليوم أكثر من أي وقت مضى الاهتمام بجودة المنتجات, لأن الجودة هي المنافس القوي هذه الأيام.
أزمة الإعلانات
غالباً ما يكره الناس الإعلانات والأساليب التقليدية أو المقلدة, والسبب بسيط وهو أن الناس سئموا من رؤية الإعلانات والتي في كثير من الأحيان ما تكون جميعها متشابهة جداً وذات أسلوب واحد, وعندما يظهر إعلان مميز أو طريقة غير تقليدية تبدأ الشركات الأخرى في تقليده وبتالي يصبح هذا الأمر شائعاً. يحاول مؤلف كتاب البقرة البنفسجية التركيز على الإعلانات الناجحة والتي تترك أثر قوي على الأشخاص, لأنها تقدم فكرة أصلية ومبتكرة.
يقسم مؤلف الكتاب الإعلانات إلى ثلاثة أزمنة, ويوضح أن لكل زمن من هذه الأزمنة الثلاثة مميزاته الخاصة ومعاييره.
1- زمن ما قبل الإعلان
في زمن ما قبل الإعلان وهو الفترة التي سبقت مفهوم وشكل الإعلانات التي نعرفها الآن وكانت تعتمد بالأساس على الإعلانات الشفوية المنقولة من شخص إلى شخص أخر, وكانت تعتمد بالأساس على الأشخاص حين يقوم شخص ما بشراء سلعة معينة فيخبر أحد الأشخاص المقربين إليه عن السلعة فيقوم بدوره الشخص الآخر بشراء السلعة, وهكذا يتم انتشار خبر السلعة بين الناس.
2- زمن ازدهار الإعلان
بهذا الزمن يشير مؤلف كتاب نظرية البقرة البنفسجية إلى العصر الذي ظهرت فيه الإعلانات لأول مرة على التلفاز والصحف والمجلات, وهكذا بدأ الناس والمجتمع يتعرفون لأول مرة على الإعلانات ويدركون مفهومها وتأثيرها.
3- زمن ما بعد الإعلان
بهذا الزمن يوضح المؤلف في كتاب البقرة البنفسجية كيف أن بدأ الناس ينفرون من الإعلانات ويكرهون رؤيتها, ويحاولون بعدة وسائل تجنب رؤيتها, ذلك بسبب انتشارها على نطاق واسع وظهورها في كل الجوانب التي تحيط به وتكرارها بشكل مستفز, مع أخذها أسلوب واحد في الرؤية والتصميم والعرض.
وفي النهاية يقدم مؤلف كتاب نظرية البقرة البنفسجية سلسلة من الأفكار, والتي هي في مجملها نصائح لتغلب على المشكلات ومواجهة التحديات, عبر التركيز على عدة مبادئ أساسية في الإعلانات وهو كيفية استخدام فن التسويق الذكي من خلال إتباع استراتيجية البقرة البنفسجية.
- أولاً ضرورة أن يكون التفكير استثنائي, حتى لو كان في الأمر مغامرة.
- ثانياً يبدأ التسويق المناسب والسليم من خلال استهداف الفئة المناسبة.
- ثالثاً ضرورة العمل على شعار فريد ومميز وهوية واضحة.
عليك الوصول إلى استراتيجية تسويق وترويج ذكية كي تحول منتجك أو خدمتك إلى بقرة بنفسجية |
حاول أن تجعل منتجك أو خدمتك التي تقدمها عبر الانترنت مثل البقرة البنفسجية إذا كنت تسعى إلى الانتشار في زمن قياسي . يعد هذا نجاحًا عندما يتحدث الجميع حول المنتج الخاص بك أو الخدمة التي تقدمها عبر الانترنت، والذي تحولا إلى بقرة بنفسجية, لقد قمت بجذب عقول واهتمام من حولك بما تقدمه.
إذا كان لديك منتج أو خدمة وترغب في أن يتحدث الجميع عنها، فيجب عليك التوصل إلى استراتيجية تسويق وترويج ذكية كي تحولها إلى بقرة بنفسجية. باختصار يدعوك كتاب البقرة البنفسجية لتطبيق عدد من الشروط, لتحقق نجاحاً باهرا في تسويق عملك الذي تقوم به.
عندما تجد فكرة من ابتكارك بكل تأكيد ستحقق الغرض منها وهو جذب الانتباه, وعندما يقوم احد بتقليدها ستصبح قديمة لدى الجمهور وبتالي ستفقد عنصر الجذب بنسبة لهم ولن يتابعها احد.
قم بتوجيه إعلانك أو الخدمة التي تقدمها إلى الفئة المناسبة, على سبيل المثال إذا كنت تبيع ألعابًا للأطفال، فلا تضعها في قنوات الطبخ مثلا، حتى لو كانت تلك القنوات تحقق مشاهدات عالية، بل ضعها في القنوات التي يشاهدها الأطفال.
الشركات التي إستخدمت إستراتيجية البقرة البنفسجية
شركة آبل
إنها شركة آبل ومن لا يعرف هذه الشركة أو لم يجرب منتجاتها. تعتبر اليوم واحدة من الشركات الرائدة في عالم التقنية، حيث تتميز بإنتاج منتجات عالية الجودة والتصميم الابتكاري مثل آيفون وآيباد وماك بوك. حيث واستطاعت آبل أن تضع نفسها في قمة الصناعة باستخدام استراتيجية التسويق البسيطة والجاذبة.
إنها شركة آبل ومن لا يعرف هذه الشركة أو لم يجرب منتجاتها. تعتبر اليوم واحدة من الشركات الرائدة في عالم التقنية، حيث تتميز بإنتاج منتجات عالية الجودة والتصميم الابتكاري مثل آيفون وآيباد وماك بوك. حيث واستطاعت آبل أن تضع نفسها في قمة الصناعة باستخدام استراتيجية التسويق البسيطة والجاذبة.
تتمثل هذه الاستراتيجية في التركيز على قصص العملاء والتجارب الإيجابية، حيث تسعى شركة آبل دائمًا لتقديم تجربة استخدام مميزة لعملائها. بالإضافة إلى ذلك تستخدم آبل شعارات قوية ومؤثرة مثل "Think Different" و "The computer for the rest of us" لبناء علامتها التجارية وتعزيز تميزها. لقد أصبحت في أولى مراتب الشركات الناجحة وذلك عبر استخدامها استراتيجيات تسويق فريدة ومبدعة وهذا ما يعرف بفن التسويق الذكي.
ستاربكس هي اليوم من الشركات العالمية لبيع وتقديم خدمة المشروبات الساخنة والباردة، وتتخصص بشكل خاص في تقديم أنواع متعددة ومميزة من القهوة. تقدم ستاربكس لزبائنها تجربة فريدة، حيث يمكن لزبائنها اختيار نوع القهوة ونوع الحليب والإضافات التي يرغبون فيها، بالإضافة إلى إمكانية الاستمتاع بالموسيقى والإنترنت المجاني إثناء تناول القهوة في المقهى الخاص بها.
تبرز استراتيجية البقرة
البنفسجية هنا من خلال كتابة اسم الزبون على الكوب، مما يضفي لمسة شخصية وتجربة
فريدة على العملاء. بالإضافة إلى ذلك تشجع ستاربكس على المشاركة الاجتماعية من
خلال حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنستجرام وإكس وغيرهم ،
مما يعزز التفاعل الفعال مع عملائها وبناء مجتمع حول علامتها التجارية.
أولد سبايس
تجلى ذلك بشكل واضح في إعلان "The Man Your Man Could Smell Like" حيث ظهر رجل وسيم يتحدث بأسلوب ساخر عن فوائد منتجات أولد سبايس. هذا الإعلان بسبب تميزه لاقى نجاحًا هائلاً على منصة يوتيوب، حيث حصد أكثر من 60 مليون مشاهدة. تعكس هذه الاستراتيجية الجريئة قدرة أولد سبايس على التفرد واستخدام الفكاهة في تسويق منتجاتها.
في عالم يمتلئ بالمنتجات والخدمات المتشابهة، وفي سوق يغرق بالإعلانات والعروض، يصبح التميز أمرًا حتميًا للفرد والشركة على حد سواء. مثلما كنت تتخيل مرورك على حقل الأبقار البيضاء والسوداء الشائعة، يتوجب علينا كأشخاص أو شركات أن تسعى جاهدين لأن نكون مثل البقرة البنفسجية بين هذا القطيع المتشابه والمتجانس.
على الشركات أيضًا أن تتبنى هذا المفهوم وتعكف على تقديم منتجات وخدمات استثنائية، وأن تبني إعلانات تجذب الانتباه وتترك انطباعًا دائمًا في أذهان العملاء. إن تلك النظرية هي رمز للتميز والتفرد، وهي تذكير دائم لنا بأن الابتكار هو المفتاح للنجاح في عالم يزخر بالتشابه والمنافسة.
لذا، عندما تجد نفسك في موقف يشبه مشهد البقرة البنفسجية بين قطيع الأبقار، فلتكن هذه اللحظة دافعًا لك لتحقيق التميز وتحطيم القواعد والتفرد بما تقدمه، سواء كنت فردًا يسعى للتميز في حياته الشخصية أو كشركة ترغب في تحقيق النجاح وجذب العملاء.
إن نجاح الإعلان أو الخدمة التي تقدمها لا يمكن قياسه بحجم الإنفاق عليه, بل الفكرة هي الأساس في النجاح, طالما كانت فكرة الإعلان أو الخدمة بها عنصر الجذب ومختلفة لا تشبه غيرها "غير مكررة" بكل تأكيد ستحقق عنصر النجاح ولو كانت بسيطة جداً وتكون بهذا قد حققت فن التسويق الذكي عبر إتباعك استراتيجية البقرة البنفسجية.
قد يعتقد الكثير أن هذه الأمور بسيطة، لكن الحقيقة هي أن العديد من الأفراد وأصحاب الشركات يقضون حياتهم بأكملها في البحث عن هذه الفكرة الفريدة والمميزة والمبتكرة. قد يستغرق اكتشاف بقرتك البنفسجية وقتًا وجهدًا وتفكيرًا ودراسة طويلة وفهمًا شاملاً للسوق والمستهلكين والمنافسين.
كان هذا مقال ممتع ومفيد في فن التسويق الذكي. لقد تعرفنا على كيفية إنشاء منتج أو خدمة يلفت الانتباه ويختلف عن باقي المنافسين. لقد أثار إعجابنا بطبع بعض الأفكار والإستراتيجيات التي تم اتباعها من قبل بعض الشركات والعلامات التجارية. نأمل أن تكون قد ألهمتك هذه الأمثلة وأن تجرب أن تصنع بقرتك البنفسجية الخاصة بك.
صدر كتاب البقرة البنفسجية سنة 2003م للكاتب "سيث جودين" هو أحد خبراء التسويق
إقرأ أيضاً: 5 قواعد لاحتراف التسويق الإلكتروني
إقرأ أيضاً: استراتيجيات الشركات العظيمة لتحقيق النجاح الباهر
المحرر / أهلا وسهلا بكم