استخدامات حمض الكبريتيك الهائلة |
معظم السوائل التي نستخدمها تقاس عادة بواسطة اللتر أو الغالون أو البرميل, ونحن بالعادة ما نتحدث عن لتر من الحليب أو غالون من الزيت أو براميل من الدبس, وعندما يتم اكتشاف مصدر جديد للنفط, نتحدث عن مردودة بعدد البراميل التي تستخرج منه في اليوم, هناك سائل واحد يؤثر في حياتنا دون أن ندري, يصنع ويستهلك بمثل هذه الكمية الضخمة والتي تقاس بالطن, ذلك السائل هو حمض الكبريتيك أو الأسيد أو ما يسمى بالعامية (ماء النار ) إنه ملك الأحماض بلا منازع.
لقد كان لهذا الحمض من السمعة السيئة حتى أغمضنا أعيننا عن الخدمات العظيمة التي يقدمها للبشرية كل يوم, وفي كل ثانية, انه يتدخل في حياتنا اليومية بطرق عديدة, فلولا حمض الكبريتيك, لتوقفت السيارة عن السير, لان البطارية لا يمكنها أن تعمل بدونه وسيتوجب عليك العودة إلى فرس المزرعة وعربة الخيل الخفيفة التي يجرها حصان واحد, كما انه يستخدم في تنقية البنزين وزيت المحرك, المصابيح الكهربائية التي تنير مكتبك التي تشع على مائدة العشاء, والتي تنير لك طريقك إلى السرير, لن تكون ممكنة من دونه, لان مولد الكهرباء يحتاج إلى بطارية.
حين تنهض في الصباح وتنفتح صنبور المياه للاستحمام, تستخدم صنبوراً مكسواً بالنيكل الذي لم يكن ليطلي به بدون حمض الكبريتيك, انه ضروري لإنجاز مغطسك المصقول, قطعة الصابون التي تستخدمها لغسل اليدين, لابد أن الزيوت والشحوم التي صنعت منها, قد عولجت بذلك الحامض, ومنشفتك كانت رفيقته قبل أن تصبح رفيقتك, شعيرات فرشاتك احتاجت إليه, مشطك البلاستيكي لا ينتج من دونه, ومن دون شك, فإن شفرتك تم تحميضها به قبل أن تصبح صلبة, ومقاومة للصدأ, حتى ورق الجرائد أو أوراق الكتب لم تكن بدونه.
استخدام حمض الكبريتيك في طلاء المعادن |
ترتدي ملابسك الداخلية, وتزرر سترتك, إن الصبَّاغ وصانع الأصباغ قد استخدمه, ولابد أن صانع حذاءك كما أنه يفيدنا مرة أخرى عندما نرغب في تلميعه, تأتي لتناول الفطور, إن الفنجان والمقلاة وغيرها من الأوعية البيضاء, لن تكون كذلك من دونه, فهو يستخدم في التلميع والألوان الزاهية وبدونه سيكون عليك العودة لأوعية الفخار غير المطلية, كما أن ملعقتك وشوكتك وسكينك تعرضت لحمام من حمض الكبريتيك, إذا كانت مطلية بالفضة أو النيكل أو أي شيء آخر.
إن القمح الذي منه صنع خبزك لابد أنه نما من جراء استخدام سماد فوسفاتي, يرتكز في تصنيعه على هذا الحامض أيضا, كما أنه يستخدم حمض الكبريتيك المخفف لعلاج نقص حموضة المعدة.
إلى غير ذلك من الأشياء التي تستعملها طيلة يومك, إن عمله يؤثر بكل ما لديك, اذهب حيثما تشاء, فأنت لن تستطيع أن تتجنب تأثيره, إننا لا نستطيع أن نذهب إلى الحرب من دونه, ولا أن نعيش بسلام من دونه, وهكذا قلما يبدو معقولاً أن هذا الحمض الضروري للإنسان, لا يعرفه الإنسان العادي.
العالم العربي الذي اكتشف حمض الكبريتيك
يعتبر حامض الكبريتيك من أقوى الأحماض الكيميائية, يأتي على شكل سائل شفاف, لا يوجد له لون ولا رائحة, له القدرة على الذوبان بالماء وبانحلاله بالماء تتولد منه حرارة كبيرة, كان الفضل باكتشافه للعالم العربي والذي يدعى بأبو الكيمياء العالم جابر بن حيان, في القرن الثامن الميلادي, حيث قام بتحضيره ولأول مرة من الزاج الأخضر عبر تسخينه, لهذا أطلق عليه العرب "زيت الزاج", وكان أول مرة تتعرف عليه أوروبا وتكتشف فوائده كان في القرن الرابع والخامس الميلادي.
العالم العربي جابر بن حيان |
إنتاج العالم لـ حمض الكبريتيك في العصر الحديث
وصل الإنتاج العالمي لحامض الكبريتيك في عام 2012 إلى 230.7 مليون طن, كان للصين الحصة الأكبر من إنتاجه حيث وصل إنتاجها إلى ما يقارب 74 مليون طن سنوياً, وفي المرتبة الثانية كانت الولايات المتحدة الأمريكية بـ37 مليون طن, وفي المرتبة الثالثة الهند بـ16 مليون طن, وفي المرتبة الرابعة روسيا بـ14مليون طن, والخامسة جاءت المغرب بـ7 مليون طن.
مصانع حمض الكبريت الضخمة |
أين يوجد حامض الكبريتيك؟
لا يوجد حمض الكبريتيك بشكل طبيعي على الأرض, وذلك لما له من تأثير شديد على المواد المختلفة بلا استثناء, لكنه يوجد وبشكل كبير على سطح كوكب الزهرة, على شكل بحيرات شاسعة, وبسبب الارتفاع الكبير لدرجة الحرارة على هذا الكوكب يتبخر الحمض مشكلاً غيوماً ماطرة, فتخيل أن تمطر عليك السماء من هذا الحمض الحارق.
المركبة الفضائية فينير حين ذابت في بحيرات حمض الكبريتيك |
ومن الحوادث الطريفة يذكر أن المركبة الفضائية السوفيتية (Spacecraft) والتي تسمى فينيراً 3 حين أرسلت لاكتشاف كوكب الزهرة وحطت على سطحه في شهر مارس عام 1966م, عمل حمض الكبريتيك على هضمها وإذابتها خلال دقائق من هبوطها على سطحه.
لقد تناولنا في هذا المقال موضوع حمض الكبريتيك وكيف يؤثر في حياتك دون أن تدري. لقد عرفنا ما هو حمض الكبريتيك ومن أين يأتي وما هي خصائصه وتأثيراته. لقد رأينا بعض الاستخدامات والفوائد والمخاطر المتعلقة بهذا المركب. نأمل أن تكون قد استفدت من هذه المعلومات وأن تكون قادراً على التعامل مع حمض الكبريتيك بشكل آمن ومسؤول.
المحرر / أهلا وسهلا بكم