كيف يتم صناعة نظرية المؤامرة وإشاعتها بين الناس
moohim | لكل شيء مهم moohim | لكل شيء مهم
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...

المحرر / أهلا وسهلا بكم

كيف يتم صناعة نظرية المؤامرة وإشاعتها بين الناس

نظرية المؤامرة

نظرية المؤامرة هي الاعتقاد بان كل شيء يحدث من حولك هو جزء من خطة شريرة وضعت من قبل أشخاص يعملون في الخفاء يرسمون الخطط تقوم باستهدافك, كما أن نظرية المؤامرة تعتبر نوع من آليات الدفاع اللاواعية التي تدفع الشخص إلى رفض الأحداث الحقيقية وخاصة الأحداث الكبرى وإلصاق التهم بأشخاص أو تنظيمات معينة, ولكي نعرف كيف يتم صناعة نظرية المؤامرة وإشاعتها بين الناس لابد أن نعرف كيف بدأت وكيف يتم استغلالها لحشد المناصرين وما سبب انتشارها.

كيف بدأت نظرية المؤامرة

مع بداية القرن الثاني عشر، بدأ العالم يتعرف على مصطلح "نظرية المؤامرة" ومع مرور الزمن، انتشر هذا المصطلح بشكل فعلي وذلك  في عام 1909 على يد الكاتب الأمريكي أين جونسون. ومع ذلك، لم يكتسب المصطلح شهرته العالمية حتى بعد أحداث اغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي. في ذلك الوقت اعتقد الكثيرون أن اغتياله كان نتيجة لمؤامرة تم التخطيط لها من قبل وكالة المخابرات الأمريكية المعروفة بالـ CIA

إن سنحت لنا الفرصة لنظر داخل عقل الشخص الذي يؤمن بنظرية المؤامرة، سنجد أنه يحمل ثلاثة مفاهيم رئيسية:


أولاً: يعتقد بأن لا شيء يحدث في هذا العالم بصدفة. بالنسبة له كل حدث يجب أن يكون له سبب وراءه، سواء كان ذلك واضحًا أم غامضًا.


ثانياً: يعتقد أن حقيقة الأشياء ليست كما تبدو في الظاهر, يشكك في الروايات الرسمية والنسخة الرئيسية للأحداث، مما يجعله يبحث دائمًا عن الحقائق المخفية والجوانب المظلمة.


ثالثًا: يعتقد أن جميع الأحداث مترابطة مع بعضها البعض, يرى أن هناك خطة كبرى تستهدف تدمير العالم أو خطة صغيرة تستهدف شخصًا معينًا. بنظره كل شيء يمكن أن يكون جزءًا من مؤامرة أو مخطط.


وربما أقدم مثال على نظرية المؤامرة هو ما جاء في النص ألقرآني على لسان فرعون, الذي اعتبر أن هزيمة السحرة أمام عصى نبي الله موسى وإيمانهم بدعوته هيا مؤامرة كبرى, عندما قال فرعون لسحرته( قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ )

إشاعة نظرية المؤامرة


كيف يتم صناعة نظرية المؤامرة وإشاعتها بين الناس
دونالد ترامب لم يفوت الفرصة على صناعة  نظرية المؤامرة وإشاعتها بين الناس

وفقاً لصحيفة التايمز الأمريكية بأن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سعى لتأسيس حياته السياسية على مبدأ نظرية المؤامرة وصناعتها وإشاعتها بين الناس, فقد كان يردد دائما بأن أزمة تغير المناخ ما هي إلا خدعة ومجرد مؤامرة, بل عمل على نشر أخباره الكاذبة بان هناك الآلاف من المسلمين احتفلوا في ولاية نيوجرسي بعد وقوع أحداث 11 سبتمبر/ أيلون عام 2001م. كما حاول أن يظهر في مناسبات عديدة بأن جائحة فيروس كورونا مجرد مؤامرة مدبرة من قبل الصين

كان يعرف ترامب أن إشاعة المؤامرة ونظرية المؤامرة ستجلب له المزيد من الأتباع والمناصرين لأنه كان يعرف جيداً أن أكثر من نصف الشعب الأمريكي يؤمن بنظرية المؤامرة وأنه من خلال إثارته للمؤامرات فإنه يضمن التفاف الكثير حوله من الشعب الأمريكي.

سبب انتشار نظرية المؤامرة

غالبا ما تظهر نظرية المؤامرة بعد الأحداث الصادمة التي يصعب إيجاد له تفسير دقيقاً مثل العمليات الإرهابية والكوارث الطبيعية والاغتيالات السياسية, فالبشر بشكل عام يميلون إلى إرجاع الأحداث الكبيرة إلى أسباب كبيرة مثلها وهذا ما يسمى علميا "بتحيز التناسب" بالإضافة إلى ذلك فإن الإنسان يميل دائما إلى تبنى المقولات غير المألوفة والصادمة لان ذلك يشعره بتميز أو التفوق على غيره.

بمجرد أن تصبح الأحداث صعبة الفهم يقوم البعض بخلق روابط بين أشياء لا رابط بينها ببراعة تامة واقرب مثال على ذلك مثل تلبيس تهمة بناء الأهرامات بكائنات انقرضت قبل وجود الإنسان, أو بكائنات فضائية, وهذه الحالة مجربة علمياً ففي تجربة "فريدز هايدر" و"ماريان سيميل" عرض شريط مصور على عينة من الناس, الجميع تقريباً استطاع خلق قصة خرافية من حركات عشوائية لأشكال هندسية لا معني لها.

صناعة نظرية المؤامرة عدوى اجتماعية


كيف يتم صناعة نظرية المؤامرة وإشاعتها بين الناس
البشر بطبيعتهم يميلون إلى جمع البيانات والمعلومات التي تؤكد أفكارهم وهذا ما يعرف علمياً بتعجيز التأكيدي

عندما تنتشر نظرية المؤامرة بين الناس فإنها لا تتوقف, فقد يتبناها أشخاص متعلمون ومثقفون ورجال في السلطة بارزون. هل تساءلت يوماً عن السبب الذي يدفع أصحاب عقلية المؤامرة على تصديق روايتهم فقط, إنها ظاهرة تعرف علمياً بالتحيز التأكيدي فالبشر يفضلون جمع المعلومات والبيانات التي تؤكد على أفكارهم فقط وبتالي فإن أصحاب نظرية المؤامرة رغم كثرة الحقائق والبيانات المغايرة يبقون متشبثين بآرائهم ولا يتخلون عن نظرياتهم بسهولة.

أصحاب نظرية المؤامرة

في عالم مليء بالغموض والشكوك، يتعامل الناس بين الحين والآخر مع مفاهيم تثير الفزع والاستغراب. فليس من النادر أن نسمع عن مجموعات أو كيانات تعمل في الخفاء، ويشار إليهم بمصطلحات مثل "أعداء العالم" أو "المتآمرين على البشرية"، والتي تزرع بذور الشك والتساؤل في أذهان الناس. يمكن أن تكون هذه المجموعات مثل الماسونيين أو أي تنظيم آخر يتعامل بسرية تامة.
 
وهنا يطرح السؤال الحاسم: هل يجب علينا أن نكون حذرين من نظريات المؤامرة؟ الإجابة تكمن في نعم، يجب أن نكون حذرين بشكل كبير. إن عقلية المؤامرة التي ترى كل شيء على أنه مؤامرة يمكن أن تكون خطيرة جدًا. فهي تعرض الناس للتشويش الدائم على الحقائق وتشجع على اتخاذ قرارات غير مستنيرة.
 
لنلق نظرة على تقرير إحصائي استرالي مؤلم، حيث كشف أن 23 شخصًا فقدوا حياتهم في عام 2016 بسبب أمراض يمكن تجنبها والوقاية منها من خلال التطعيم واللقاحات. ومع ذلك، ما زال هناك أفراد في استراليا يعتقدون بأن التطعيم ضار بالصحة ومجرد مؤامرة، وهذا يعكس تأثير الإيمان بنظريات المؤامرة على الصحة العامة.

تأثير نظرية المؤامرة 


كيف يتم صناعة نظرية المؤامرة وإشاعتها بين الناس
في العادة يتم إلصاق كل ما يدور حولنا من صناعة المؤامرات بـ أشخاص يعملون في الخفاء 

عندما يتم إلصاق كل شيء يحدث حولنا على انه من صنع قوة حفية خارقة ولا يمكن بكل الأحوال التغلب عليها حينها تقول لنفسك لماذا أقاومها لتعلن استسلامك أمامها منتظراً قوة خارجية أخرى غير موجودة لتحدث التغيير بدلا منك بهذه الحال ستتحول إلى إنسان مهزوم ومتخلفاً لا يريد أن يستخدم عقله.

تقول الدراسات أنه كل ما زاد تعلمك قلت إصابتك بهذا المرض, فبحسب الباحثين جوزيف اوسكي وجوزيف بارنت أن42% من خريجي الثانوية لديهم الاستعداد بالإيمان بنظرية المؤامرة, مقابل 23% فقط من أصحاب الشهادة الجامعية.

كيف تعرف انك غير مصاب بمرض نظرية المؤامرة

إذا كنت ممن يؤمن بوجود شيء من المؤامرة فلا تخف هذا لا يعني انك من أصحاب العقلية التآمرية, ينقسم الناس الى ثلاث فئات من اللذين يؤمنون بنظرية المؤامرة.

النوع الأول: يعتقد أن كل ما يحدث هو مؤامرة مخطط لها مسبقاً, فكل شيء بنسبة له مدبر ومرسوم ضمن خطط لا يمكن هزيمتها.

النوع الثاني: يرفض نظرية المؤامرة بشكل كامل ويعتقد هؤلاء أن المؤامرات ما هي إلا شيء تستخدمه الحكومات لإخضاع شعوبها

النوع الثالث: يؤمن بوجود نظرية المؤامرة لكن يمكن مقاومتها وهزيمتها والتغلب عليها, إذا كنت من هذا النوع فأنت إنسان طبيعي تماماً.

في ختام هذه الرحلة أيها القارئ العزيز, وإلتى أبحرنا بها في عالم نظريات المؤامرة وكيفية صناعتها وانتشارها بين الناس، نجد أن هذا الموضوع لا يقتصر على تحليل النظريات ذاتها بل يمتد إلى فهم الجوانب النفسية والاجتماعية التي تؤثر في تشكيل وانتشار هذه النظريات بين الناس.
 
لا شك بأن نظريات المؤامرة تعكس غالبًا مخاوف وعدم الاستقرار وعدم الثقة في الحكومات والمؤسسات من قبل أفراد المجتمع. ويمكن أن تنشأ هذه النظريات من الحاجة إلى تفسير الأحداث التي قد تكون معقدة أو صعبة الفهم. ولكن رغم ذلك فمن الضروري  أن نقدر الأهمية الكبيرة للتعليم وزيادة الوعي للتصدي لهذه الظاهرة وتقليل انتشارها الضار.
 
في عصر المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي، يمكن مع الأسف لأي شخص أن يصبح منشئًا وناشراً لنظرية المؤامرة. لذلك يجب علينا جميعًا أن نمارس الحذر والنقد البناء عند مواجهتنا لهذه النظريات، وأن نتحلى بالقدرة على تقييم المصادر وفحص الأدلة.
 
في النهاية يلعب الإعلام والتعليم دورًا مهمًا في تشجيع الفهم الصحيح للأحداث والمعلومات. يتوجب علينا جميعًا التعاون للحد من انتشار نظريات المؤامرة غير المؤسسة علميًا وتعزيز ثقافة البحث عن الحقيقة والنقاش العقلاني. هذا هو السبيل الوحيد للمساهمة في بناء مجتمعات أكثر تفهمًا واستقرارًا وتواصلاً سليمًا.




عن الكاتب

مدير التحرير علاء إرشي "جودة" كاتب ومصمم محتوى مستقل حاصل على شهادات جامعية في الإعلام والعلاقات العامة, أعمل حالياً في التصميم والتدوين الإلكتروني والكتابة الإبداعية والأدبية والتسويق الإلكتروني والتحليل الرقمي وإدارة الصفحات الإلكترونية ومالك حصري لموقع moohim.com

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

moohim | لكل شيء مهم